الجمعة، 22 أبريل 2011

مريم تكتب

تشجيعاً للمواهب الصغيرة ، (على أساس أني موهبة معدية يعني) ، أنشر مقالاً لأختي عن دور اتحاد الطلاب في مدرستها
جلـــست أتذكر انتخابات مجلس الشعب الماضية وكيف كان اكتساح نواب الحزب الوطني وتذكرت ايضا كيف أن هؤلاء النواب كانوا يذهبون إلى دوائرهم الانتخابية مرة كل خمس سنوات ولا أدري لماذا جال بخاطري اتحاد الطلبة في مدرستنا وتذكرت أنني لا أعلم من هي أمينة اتحاد الطلبة المبجلة ولا أدري لماذا لم أرى أي نوع من أنواع الحملات الانتخابية هذا العام , بل ولم أجد أي نوع من إنجازات هذا الاتحاد العظيم فلم أرى الأمينة المبجلة تمر بالفصول لتقوم باستبيان عن قرار يراد اتخاذه في المدرسة , للأمانة كانت هناك إعلانات عن اجتماعات لأمناء الفصول لكن لماذا لم يعلم أحدنا عن هذه الاجتماعات هل هي اجتماعات عسكرية شديدة السرية وهل تعتقد إدارة المدرسة أن أمناء الفصول يمثلن باقي الفصل ؟ هي مصيبة إذا كانت الاجابة على هذه الأسئلة نعم فلا أحد من أمناء الفصول يمثل باقي الفصل حقيقة أنا لا أرى فائده لهؤلاء الأمناء غير أخذهم للغياب والذي عادة ما يكون متأخرا وليس في الطابور المدرسي كما هو الواجب أن يكون وبذلك تستطيع أي من الطالبات اللاتي يحضرن باكرا أن يأخذن الغياب وتبقى أمينة الفصل بلا فائدة أما إذا كانت الاجابه لا فهي مصيبة أكبر فكيف تعلم إدارة المدرسة بهذه الفوضى العارمة ولا تقوم بتغيير هذا النظام العقيم هل يجب علينا نحن أيضا القيام بثورة لنغير هذا الاتحاد الذي لا يسمن ولا يغنـــــــــــي من جوع ؟؟!
هذه ليست المشكلة الوحيدة فطريقة الانتخابات هي الأخرى غير مجدية فكيف تتم انتخابات لحظية لم يتم الاستعاداد لها سواء من الطالبات اللاتي يردن ترشيح أنفسهن أو من الناخبات ومن بعد ذلك تتم انتخابات لاتحاد الطلبة لا تكون فيها المشاركة إلا لأولئك الاتي استطعن انتهاز الفرصة والترشح والفوز في انتخابات أمانة الفصول فكيف لا أستطيع أنا وأنا طالبة عادية لست في مجلس الأمناء أن أقوم بانتخاب من تعبر عني , ليس هدفي من هذا المقال أن انتقد إدارة مدرستنا أو أن أجرح في زميلتي – أمينة اتحــاد الطلبة – إنما هدفي هو وجود تلك الروح الديمقراطية التي نريد حميعنا أن نشعر بها , نريد أن نرى الفتيات اللاتي يردن ترشيح انفسهم يذهبن من فصل إلى فصل ليتحدثن عما سيفعلنه إذا تم اختيارهن وعن برنامجهن الانتخابي الذي أعددن له مسبقا بل ونريد أن نرى مناظرات في الإذاعة المدرسة أو في أذاعة الراحة المدرسية بين المترشحات لأمانة اتحاد الطلبة أليس الهدف من دخولنا إلى المدرسة هو إعداد طالبات مبدعات ومتواصلات مجتمعيا أليس من المفروض ان تكون الطالبة المتخرجة من المدرسة على مستوى كبير من الفهم السياسي لماذا لا يكون هدف المدرسة إخراج طالبات قادرات على الترشح لمجلسي الشعب والشورى , أعلم أن معظم المسئولية تقع على عاتق الطالبات فهذه السلبية أصلها الطالبات ولكن لماذا لا تقوم إدارة المدرسة بانتخابات فردية فكل طالبة تستطيع الإدلاء بصوتها مع وجود صندوق زجاجي دليل على الشفافية المطلقة ولماذا لا توجد توعية بين الطالبات للاشتراك في أمانة الفصول وأمانة اتحاد الطلبة واعتقد أن هذا هدف يجب أن تضعه المدرسة نصب أعينها , كل أملي بعد هذا المقال أن أذهب العام القادم إلى صندوق الاقتراع واقوم بانتخاب أمينة لاتحاد الطلبة قادرة على تحقيق مطالبي.

الاثنين، 18 أبريل 2011

ليس لدينا دوجما

"Serious without being pompous, deep without being self-indulgent, Foreign Policy is an essential modern guide to global politics, economics, and ideas for people who want to know what's really happening in an increasingly complicated world. Foreign Policy both simplifies and clarifies complex topics with crisp, insightful writing and clear design."
" جادة وليست طنانة ، عميقة وليست منغمسة ، (مجلة) السياسة الخارجية مرشد حديث وضروري للسياسة العالمية ، الاقتصاد ، والأفكار للناس الذين يريدون معرفة ماذا يحدث في عالمنا المعقد. (مجلة) السياسة الخارجية تبسط وتوضح الموضوعات المعقدة بكابة سهلة مستنيرة وواضحة."
الفورين بوليسي Foreign Policy مجلة أسسها صمويل هنتنجتون ووارين مانشيل في 1970 وتصدر كل شهرين عن مؤسسة تابعة للواشنطن بوست. المجلة نشرت مؤخراً تقريراً عن جماعة الإخوان المسلمين بعنوان الإخوة المتناحرين Feuding Brothers تحدثت فيه عن الخلاف في الخطاب والرؤى بين أطراف مختلفة داخل الجماعة وخلصت إلى أنه "In the battle over the Muslim Brotherhood's future, the United States should engage with the good guys." "في المعركة على مستقبل الإخوان المسلمين ، على الولايات المتحدة أن ترتبط بالرجال الطيبين". المقال يبدو استكمالاً للاهتمام الغربي المتزايد بالحركة الإسلامية القوية في مصر بعد الثورة ويتبع مقالاً آخر يتحدث عن أساطير خمس عن الإخوان المسلمين Five myths about the Muslim Brotherhood نشرته الواشنطن بوست الشهر الماضي. 
الرؤية الغربية لدور الإخوان في مصر مثيرة جداً للاهتمام لكني سأتحدث هنا عن نقاط محددة ، أهمها الاختلاف الكبير في التعبير عن الرؤية السياسية للجماعة بين قياداتها فبينما تحدث ا/مهدي عاكف عن دعم القاعدة وزوال (الكيان الصهيوني) ، وصفت المجلة د/محمد البلتاجي برجل الدولة والسياسي الداهية المحنك المهتم بالنتائج كأي سياسي غربي ورأت المجلة نبرته الهادئة ، رفضه للتطرف واستعداده للتعامل مع الولايات المتحدة مؤشراً هاماً على الدور السياسي المستقبلي للجماعة.
أكثر ما أثار استغرابي تقرير المجلة كون الإخوان لا يملكون عقيدة سياسية مقدسة (دوجما) وأن هذه النفعية (البراجماتية) هي ما يحافظ على وجودنا ، يبدو هذا متناقضاً تماماً مع ما يكرره الليبراليون دوماً عندنا.
أخيراً وبسرعة تبدو إشارة المجلة لتأثير مصر على محيطها العربي بديهية لكن وصف السلفيين والجهاديين بالسرطان مقارنة بالصداع الذي يمثله الإخوان للولايات المتحدة يعطيني انطباعاً سيئاً حول الطريقة التي يمكن أن تتعامل بها الولايات المتحدة في حالة الصعود السياسي للإسلاميين.

الخميس، 7 أبريل 2011

المسلمون والديمقراطية

 كنت قد قررت منذ زمن أن أحدثكم عن بعض الكتب التي أقرأها مفيدة وأود أن أشاركها معكم ، تعطل المشروع بسبب الثورة وأشياء أخرى ، لكن لحسن الحظ أنهيت كتاباً أراه مفيداً هذا الأسبوع وسأحدثكم عنه ، إنه كتاب المسلمون والديمقراطية للدكتور معتز بالله عبدالفتاح.


"الإسلام مسئول صراحة أو ضمناً عن عدم قبول الكثير من المجتمعات المسلمة للقيم الديمقراطية فهو منظومة قائمة بذاتها يبدأ من التسليم لله بكل ما يملكه المؤمن والله ذاته يأمر المسلمين بأن يطيعوا ولي الأمر ويتجنبوا المعارضة السياسية للحاكم لأنها مفضية للفتنة التي قد ترتبط بالخروج عليه ، فولي الأمر في الإسلام ، ليس مجرد موظف عام يعين ويقال ، وإنما هو صاحب وظيفة دينية مشفوعة بأمر إلهي له بطاعة الله وأمر إلهي آخر للرعية بطاعته. يدعم هذه النظرية غياب الديمقراطية في معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة واستلهام الديمقراطية من أسس غير إسلامية في بعض الدول الأخرى ذات الأغلبية المسلمة التي يمكن اعتبارها حرة وديمقراطية (جزئياً)" رؤية ومفهوم لدى الكثير من (ربما معظم) المحللين الغربيين سعى د/معتز لدراسته واختباره ميدانياً على أن يكون الإنسان المسلم لا النص الإسلامي هو ميدان الدراسة.

ولأن جميع دول العالم تقريباً تدعي أنها بشكل أو بآخر ديمقراطية حتى أكثرها استبداداً (باستثناء المملكة العربية السعودية) يبدأ د/معتز بشرح الديمقراطية وشروطها الستة اللازمة لتحققها وهي الشمول (حق  التصويت للجميع) ، والتنافس (حق جميع من يؤمن بقواعد الديمقراطية في المشاركة في العملية السياسية وعدم إقصاء أحد منها)، والليبرالية (احترام الحقوق المدنية للأقليات) ، المساءلة (تعدد مراكز صنع القرار وتوازن المسئوليات) ، الاستدامة (قبول جميع القوى لنتائج الديمقراطية) ، والثقافة الديمقراطية (أصوات الناخبين هي المصدر الوحيد للشرعية).

كما يشير إلى نماذج خمسة للتحول الديمقراطي وأمثلة لكل منها وهي التحول للديمقراطية نتيجة ثورة اجتماعية (إنجلترا ، رومانيا) ، وتحت رعاية الاحتلال (الهند) ، وتحت رعاية نخبة حاكمة مستنيرة (إسبانيا) ، والانفتاح السياسي الجزئي الذي يؤدي إلى ضغط حقيقي يؤدي لتحول ديمقراطي كامل (كوريا الجنوبية) ، وانسحاب النخبة الحاكمة نتيجة لارتفاع تكلفة القمع (شيلي).

ويستعرض د معتز مدارس الرأي المختلفة للمسلمين ونظرة كل منها للديمقراطية فهناك الإسلاميون التقليديون الذين يرون الديمقراطية متناقضة مع الإسلام فهي تتعارض مع العقيدة (إرادة الشعب ضد إرادة الله) وهي مؤشر على نقص الشريعة كما أنها آثمة لارتباطها بغير المسلمين وينقسم هؤلاء إلى دعاة عنف ومسالمون. أما الإسلاميون التحديثيون فيقبلون الآلية الديمقراطية التي يرونها تعبر عن روح الشورى استناداً إلى تبني المسلمين الأوائل ابتكارات غير إسلامية كما أنهم يرن إمكانية أسلمة الديمقراطية (ضبطها بضوابط الشريعة والحضارة الإسلامية). أما العلمانيون فينطلقون من افتراضين ، أن الإسلام لا يوفر خريطة محددة المعالم للسياسة والحكم كما أنه على المسلمين أن يسلكوا سبل المجتمعات الأكثر نجاحاً حتى يتفوقوا عليها. وينقسم العلمانيون لفئتين ، سلطويون يفضلون الحكومة المركزية القوية حتى لو لم تكن ديمقراطية ، والليبراليون الذين يرفضون السماح بأية حدود على حق أي فرد أن يكون جزءاً من التنافس السياسي.

وفي نهاية دراسته للتأثيرات الديموغرافية والفكرية على رؤية المسلمين نحو الديمقراطية يخلص إلى أن المسلم النموذجي المؤيد للديمقراطية هو امرأة أكثر منه رجلاً غنياً نسبياً متعلماً وسبق له ممارسة الديمقراطية إما من خلال التصويت في انتخابات سابقة أو العيش لمدة عام أو أكثر في دولة ديمقراطية ويرى هذا المسلم أن الديمقراطية امتداد لمبدأ الشورى الإسلامي.

أما كيف يرى المسلمون الفاعلين السياسيين الذين من الممكن أن يدفعوا باتجاه الديمقراطية في بلادهم فإن الحكام غير مرضي عنهم في معظم الدول التي أجري بها استطلاع الرأي كما لا يرى المسلمون الغرب مصدراً لحل للمشلكة بل يلومون الغرب لدعمه للحكام التسلطيين ويعتقدون أن الديمقراطية الغربية تحتاج إلى تكييف مع الواقع المسلم ويوضح الاستطلاع كذلك كيف يلعب العلماء المستقلون دوراً هاماً في تشكيل وتوجيه العقل المسلم أكثر من المفكرين والسياسيين والعلماء "الرسميين".

وحول آفاق التحول الديمقراطي يعرض د/معتز صوراً من تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا التي تمحورت  استراتيجيته حول تجنب الصدام والمكسب البطئ والتعامل مع مؤسسات الدولة والصعود التدريجي فيها (البرلمان والحكومة ثم الرئاسة والتعديلات الدستورية الأخيرة بشأن الجيش والمحكمة العليا) وكيفية ترويض العلمانية التركية من علمانية "ضد الدين" إلى علمانية "بعيدة عن الدين" والسعي لتحويلها إلى علمانية ليبرالية تؤيد "حرية الدين".

في النهاية يرى د/معتز أن التحول الديمقراطي في العالم الإسلامي مرتبط بضرورة التحول من ثقافة (مستبد ولكن) التي يمثلها الإسلاميون التقليديون والعلمانيون السلطويون إلى ثقافة (الديمقراطية كضرورة) التي يتبناها الإسلاميون التحديثيون والعلمانيون الليبراليون ويرى أن أي جهد للتحول الديمقراطي يتطلب تحالفاً بين التحديثيين والتعدديين ويرى أن انتشار الديمقراطية في العالم الإسلامي مرتبط بأسلمة الديمقراطية (استخدام الآليات الديمقراطية في ظل مبادئ الشورى الإسلامية) وليس دمقرطة الإسلام. ويرى أن علينا أن نتحلى بالشجاعة للاعتراف بأن فقهاء المسلمين تقاعسوا عن أن يطوروا نظريات في كل من المشاركة السياسية تكون أكثر استقراراً من فكرة البيعة للحاكم ، والتداول السلمي للسلطة بدلاً من حق الحكام في البقاء لآخر عمرهم ، والمعارضة السياسية بدلاً من اعتبار أي اختلاف نوعاً من الفتنة  ، وتعدد مراكز صنع القرار بدلاً من الشورى الواجبة المعلمة ، وأخيراً نظرية في التعايش السياسي ترفع حق غير المسلمين في المشاركة السياسية وصنع القرار.

و يؤكد د/معتز على أهمية دور العلماء والدعاة المسلمين في دعم التحول والتنظير له.

وبعد التحولات الكبيرة التي حدثت في المنطقة هذا العام أرى أن دراسة مرونة الطلب على الديمقراطية لدى المسلمين العرب خطوة شديدة الأهمية لتلمس مسار الثورات العربية الأخيرة ولا أعتقد أن نتائج هذه الدراسة (2002/2003) تعبر عن الوضع الحالي. كما أن إشارة د/معتز لوجود المؤسسات القوية التي تجعل الدول أكثر استقراراً (الجيش بشكل أساسي) في مصر وتونس فقط تقريباً من كل الدول العربية كان رؤية بعيدة النظر أثبتتها الأحداث في كل من ليبيا واليمن لكن هذا يفرض سؤالاً صعباً ، ما الذي يمكن فعله لإنجاح الثورات ومن ثم التحول الديمقراطي في هذه البلاد؟

الكتاب رائع ، أنصح به كل من يود التعلم عن الديمقراطية ورؤية المسلمين لها.