الجمعة، 1 يوليو 2011

مطلبٌ فئوي

اليوم كنت فئوياً بامتياز ، فبينما اتجه عدد لا بأس به من المصريين للتظاهر في ميدان التحرير (وميادين التحرير الأخرى في مصر) في جمعة القصاص للشهداء اتجهت ومعي خمسة آلاف من مهندسي مصر المحروسة إلى ستاد القاهرة لحضور الجمعية العمومية الغير عادية لنقابة المهندسين المحروسة هي الأخرى (نقابة المهندسين تحت الحراسة منذ ستة عشر عاماً) والتي ستحدد موعد الانتخابات وتأخذ قراراً بخصوص الحراسة.
قبل الجمعية كانت الإشارات العامة غير مبشرة فوزير الري (المشرف على النقابة) له علاقة بالحارس القضائي (الذي تدور شبهات كبرى حول فساده) والاثنان ربما يعملان مع بعض المهندسين لتأجيل الانتخابات بنفس الحجة الأزلية (الناس غير مستعدة للانتخابات وحتى لا يسيطر تيار واحد فقط على النقابة) ، لذا كان ضرورياً أن تكون الأغلبية في الجمعية واضحة باتجاه رفع الحراسة فوراً وإجراء الانتخابات في أقرب فرصة ليتسلم المجلس المنتخب النقابة ويقوم بدوره في بناء الوطن والحفاظ على المهنة وخدمة أبنائها.
في اليوم السابق للانتخابات أقام أحد المهندسين المحسوبين على الحراسة دعوى قضائية لوقف انعقاد الجمعية العمومية وقضت المحكمة ببطلان انعقادها لكن أقام أحدهم (الوزير أو أحد ما من ضد الحراسة استشكالاً لوقف تنفيذ الحكم ما يذكرك بما كانت تفعله الحكومة السابقة للتحايل على الأحكام القضائية ضدها).
استيقظت في السادسة صباحاً ، تناولت الإفطار واتجهت إلى الاستاد حيث وصلت قبل التاسعة وبدأت أتصل بأصدقائي المهندسين لإيقاظهم ، بدأ الدخول عند العاشرة حيث دخلت من البوابة بعد أن سخرت بشدة من أحد المنظمين الذي طالبني بأن أريه كارنيه 2010 وليس 2011  والإيصال أيضاً (هل لاحظ أحد آخر أنني أصبحت أكثر بجاحة وسخفاً في الفترة الأخيرة أم أنها فقط مشاعري الرقيقة التي تؤلمني عندما أتعامل بطريقة حازمة مع أحدهم).
كان المهندسون قد بدأوا في التوافد مبكراً لكن الانعقاد الأول للجمعية بحضور 50% من الأعضاء المسجلين في الواحدة لذا كانت هذه الفترة فرصة لمقابلة زملاء الدؤاسة الذين لم أراهم منذ فترة ، صلينا الجمعة وكانت خطبة عن أخلاق الرسول ثم عدنا للصالة حيث بدأت الهتافات ضد الحراسة ومن أجل الانتخابات ، أحسست بالسعادة فرغم قلة العدد (كنا وقتها قد تجاوزنا الثلاثة آلاف بقليل) لكن يبدو أنه لا خلاف حول المطالب العامة ، في الواحدة كان الانعقاد الأول وأعلن رئيس الجمعية رفعها للانعقاد الثاني في الثالثة ، توالت الهتافات المطالبة برحيل الحارس وإجراء الانتخابات. كان الصوت عندما يتوحد ولكون الصالة مغطاة مجلجلاً ما ذكرني بمسيرة الثامن والعشرين من يناير. في الثانية والنصف تقريباً ألقى أحد المهندسين كلمة بالنيابة عن وزير الري أكد فيها أنه ملتزم بإنهاء الحراسة وتسليم النقابة لمجلس منتخب.
عندما بدأت الجمعية وبدأ رئيسها في قراءة البنود التي انعقدت الجمعية من أجلها بدا التوحد واضحاً (لا حراسة بعد اليوم). وعندما بدأ التصويت على البنود ورغم تردد رئيس الجمعية في الأخذ بالرأي الواضح للجموع في إنهاء الحراسة فوراً إلا أنه اضطر لذلك بعد ضغط أعضاء الجمعية فقد كانت آلية التصويت عبارة عن ورقة أحد وجهيها أحمر (لا) والآخر أصفر (نعم) وكانت الألون تتغير بين الأحمر والأصفر حسب رضا المهندسين عن القرارفي مشهد مهيب ومؤثر وكما قال أحد أصدقائي هناك Streamline flow تيار رئيسي متدفق في اتجاه ما ولا يمكن لأحد أن يوقفه ، ذكرني هذا بالدعوات للتيار الرئيسي المصري التي تبناها ودعا إليها د/ مصطفى حجازي و د/ معتز عبدالفتاح وآخرون.
في النهاية قررت الجمعية إنهاء الحراسة فوراً والموافقة على تشكيل لجنة الإشراف على الانتخابات وتسلمها للنقابة حتى انتخاب المجلس القادم وفتح باب الترشيح للانتخابات في 17 يوليو على أن تكون الانتخابات في سبتمبر.

عندما عدت وجدت هذه الصورة العبقرية للمهندس عمر عبدالله (المنسق العام لتجمع مهندسون ضد الحراسة) فرحاً بهذه القرارات وكأني أرى فيها فرحاً بنتاج ما يقرب من الخمسة عشر عاماً من النضال ضد الحراسة يتحقق الآن ، ما ذكرني بالعبارة الشهيرة لذلك الرجل التونسي "هرمنا .. هرمنا حتى نرى هذه اللحظة التاريخية" ، عموماً ليس وقت الفرح الآن ولن نأمن ونترك نقابتنا لأحد فإذا لم يتم تنفيذ مطالبنا فعليكم أن تتوقعوا اعتصاماً "فئوياً" عند النقابة في شارع رمسيس خلال أسبوعين. نرجو أن تتم الأمور على خير.
الآن أعتقد أنه إذا تمت الأمور كما ينبغي وتسلم المجلس المنتخب النقابة بنهاية سبتمبر يمكنني عندها أن أطمئن ولو قليلاً ، فللبيت رب ، وللطفل أب.

هناك 3 تعليقات:

  1. يااه ..الانتماء ده حاجة في منتهى الجمال !!
    أنا مهندس - مستقبلي - وافتخر :)

    بس هو يعني إيه النقابة تحت الحراسة ؟؟

    ردحذف
  2. انا كمان لم افهم إيه النقابة تحت الحراسة؟؟؟؟؟

    ردحذف
  3. في منتصف التسعينات عندما ضجرت الحكومة من دور نقابة المهندسين (المجتمعي والسياسي) ومع عدم فاعلية قانون 100 وقتها لقتل النقابة وتشييخها ، افتعلت الحكومة مشكلة في نقابة المهندسين بموجبها تم استصدار حكم قضائي (سياسي) أن يعين القضاء من يدير النقابة وتم منع مجلس النقابة المنتخب من دخولها حتى منذ ذلك الحين ، الملخص أن الحكومة رأت أن المهندسين ليسوا أكفاء ليديروا نقابتهم ، وكانت هذه الطريقة التي ارتأتها لقتل النقابة وتغييب دورها

    ردحذف