السبت، 23 يوليو 2011

إيران من الداخل

في المقدمة يعرض فهمي هويدي ظروف كتابة هذا الكتاب بعد الثورة الإيرانية التي هزت العالم ، وعن صعوبة أن يحافظ على مهنيته في ظل العداء الغير مفهوم بين العرب وإيران ما بعد الثورة كما يشير اإلى الصورة السلبية لدى المسلمين العرب عن إيران نتيجة للإعلام الموجه غربياً.
بعد ذلك يعرض قيادة آية الله الخميني لكفاح شباب العلماء والفقهاء من الحوزة العلمية في قم وبقية أنحاء إيران ضد الشاه ومحاولاته المستمرة لتغريب إيران وتغييب وجهها الإسلامي (يعرض هويدي هنا لبعض فتاوى الخميني التي تثير الإعجاب فعلاً حول جهر العلماء بالحق حتى ولو لم يرجى لذلك أثر في تغيير الظلم ، مقارنة ذلك ببعض الأفكار المنتشرة لدى بعض علماء السنة في عصرنا يغيظني بشدة).
ثم يكمل هويدي حديثه عن نضال العلماء القديم ضد استبداد الشاه ومن قبله وكيف كان ظهور الخميني تحولاً نوعياً في معارضة العلماء(الفقهاء) للشاه.
يتحدث أ/فهمي بعد ذلك عن تطور نظرية ولاية الفقيه في الفكر الشيعي ويعرض الرؤيتين المختلفتين لهذه النظرية وكيف سادت وجهة نظر الخميني بعد الثورة ثم يعرض ما تعلمه من رحلاته إلى قم عن دورها في إيران ما بعد الثورة ودور المراجع والخلافات بينهم حول الدور المنتظر لكل منهم في الدولة الجديدة ومن سيخلف الخميني ولماذا تظور دور الفقهاء ليتحول من سلطة الإرشاد والتوجيه إلى سلطة تنفيذ أشبه بالدولة الدينية في العصور الوسطى بأوروبا.
في طهران ، تحدث الكاتب عن مشاهداته في طهران مابعد الثورة ، وعن الصدام الدامي الذي حدث بين الإسلاميين واليسار ، وعن عمليات الاغتيال التي نالت من الكثيرين من الصفين الأول والثاني للثورة ، ومحاكم الثورة التي أقيمت للتخلص من كل أعداء الثورة وعن حرس الثورة ولجان الثورة والصدامات بينها ، يبدو مهماً هنا أن أنقل ما هذا النص عن الثرة:"وما دمنا نتحدث عن بشر وعن ثورة حديثة الميلاد ، فلا يمكن أن نستثني إيران لا من سلوك البشر ولا من سنن الثورات. إذ لا نشك أن فكرة الاستئثار بالسلطة قد لعبت دوراً أياً كان حجمه في إذكاء الصراع. وفيما نعلم ، فما من حلفاء قاموا بثورة أو انقلاب أو انتفاضة إلا وثار بينهم ، في السر والعلن ، السؤال الكبير: من يحكم ويقود؟
لا نريد أن نخوض وراء النوايا لنعرف الدافع وراء الرغبة في الاستئثار بالسلطة ، وهل هو شهوة الحكم أم الإصرار على تحقيق الحلم أم الاثنان معاً ، لكن الذي يهمنا أن القضية بات لها دورها التقليدي في الصراع بين حلفاء الثورات ، حتى كادت تستقر وتكتسب قدراً من المشروعية ، غير أن السؤال الذي يلح دائماً هو: كيف يدار الصراع بالصورة التي تحفظ التوازن بين وحدة الرأي والتوجه في القيادة السياسية ، وبين الإبقاء على تعدد الآراء في الحياة السياسية؟"
عند الحديث عن الحرب يعرض الكاتب لما تفعله المؤسسات المختلفة في إيران لدعم أسر الشهداء ، وتجهيز منتظري الشهادة ، وكيف يتصور الإيرانيون هذه الحرب استكمالاً لمسيرة الاضطهاد الشيعي منذ مقتل سيدنا الحسين في موقعة كربلاء ، عندما عرض هويدي لما يفعله الشيوخ والفقهاء من إثارة وتهييج الأخزان لأهالي الشهداء ورغم كون كل هذا محزناً ومؤثراً فإنه ذكرني بأسبوع الكراهية في (1984).
بعد ذلك تحدث الكاتب عن التغير الذي حدث في المجتمع الإيراني بعد الثورة إلى حياة "المستضعفين" مقارنة بالحياة الناعمة المخملية ل"المستكبرين" من أعوان الشاه والأغنياء قبل الثورة ، وكيف سارع شباب الثورة بحماس لم يجد من يوجهه في البداية لتطبيق ما يرونه من الشريعة ، ما أدى نوعاً لتشويه صورة الثورة لدى البعض ، وكيف تم ترشيد هذا بعد عدة سنوات من خلال مأسسة حرس الثورة ولجان الثورة وإتباعها لمؤسسات الدولة.
بع ذلك تحدث الكاتب عن (انقلاب فرهنجي) أو الثورة الثقافية وما فعله رجال السلطة الجديدة لتصحيح مسار أجهزة الإعلام والفن التي كانت تدعو للتغريب والعري قبل الثورة وتحويلها لأداء دورها في المجتمع الذي أرادوا له أن يكون معبراً عن تراث الأمة وحضارتها وقيمها الإسلامية.
في فصل أهل التسنن ، يعرض الكاتب للفارق بين ما تبنته حكومة الثورة كأسلوب تعامل مع المسلمين السنة من خلال مناهج التدريس لكل من السنة والشيعة في المراحل الدراسية المختلفة وحديث قيادات الثورة وما صدر عنهم بخصوص السنة من أقوال وأفعال ، وبين ما يحدث للسنة في إيران من مضايقات وتهميش نتيجة لتاريخ العلاقة بين أتباع المذهبين وفي تلك المنطقة بالذات من العالم الإسلامي حيث استخدم الصفويون الصراعات المذهبية لدعم حربهم ضد العثمانيين السنة واتجهت الدول العربية السنية للعداء مع الثورة لأسباب مختلفة ، في النهاية يرى الكاتب أنه رغم كون الفترة قصيرة بين قيام الثورة وتاريخ صدور الكتاب لكنه يرى أن القرار السياسي يمكن أن يسهم في تصحيح الأوضاع وتغيير السياسات.
في النهاية تحدث الكاتب عن العلاقة بين الفلسطينيين والإيرانيين أو بين الثورتين الفلسطينية والإيرانية وكيف انتهى شهر العسل بينهما سريعاً نتيجة سوء فهم كل منهما لطبيعة الآخر ورغبته في التأثير عليه وعلى اتجاهاته ونتيجة للحسابات السياسية لكل الأطراف.
في النهاية يبقى أن أنقل كلمات هويدي نفسه تعليقاً على الثورة الإيرانية والتحول السياسي والاجتماعي اللذان حدثا فيهما: "النموذج الذي قدمته إيران في إقامة المجتمع المسلم يحتاج إلى إعادة تفكير ومراجعة، أعني على وجه التحديد إقامة مجتمع مسلم من خلال الثورة على الوضع القائم، الأمر الذي يجعل السلطة هي الطرف الذي يدافع عن القيم الإسلامية بما يفتح الباب لاحتمال إكراه الناس وإجبارهم على الالتزام بتلك القيم. في حين علمتنا دروس التاريخ أن التحول الاجتماعي حين يتم بالإكراه فإنه يحدث إما أثراً مؤقتاً وإما أثراً معاكساً. وحين يكون ذلك التحول مرتكزاً على دعائم أخلاقية بالدرجة الأولى، فإن المغامرة بالإكراه فيه ترجح الأثر السلبي والعكسي. وهو ما يدعوني إلى القول بأن الذين ينشدون إقامة المجتمع الإسلامي ينبغي عليهم أن يحذروا من الالتغيير الانقلابي الذي يقيم ذلك المجتمع بالقهر وعبر أدوات السلطة، في حين أن ذلك المجتمع -بوجه أخص- لا تقوم له قيامة حقيقية إلا إذا انطلق من القاعدة، بحيث يتحول إلى خيار لها تنحاز إليه بإرادتها الحرة، وليس إلى منظومة تفرض على الناس وتكرههم على قيمها وتعاليمها."
أخيراً يهمني هنا أن أقول(مما فهمت) أن الثورة الإسلامية في إيران أخفقت في تحويل الدولة إلى ديمقراطية لأن جموع الشعب الذين قاموا بالثورة لم تكن هذه أحد أهدافهم، هم كانوا يريدون دولة إسلامية ونتيجة لسيطرة الفقهاء على مقدرات الدولة في مراحلها الأولى فهم حولوا الدولة لدولة إسلامية كما فهموها والتي لم تكن بالضبط (ديمقراطية) كما يفهمها الآخرون.

هناك 3 تعليقات:

  1. معلومات قيمة جدا و تلخيص رائع. عندي ملاحظتان:
    1- مقارنات هويدي بين علماء إيران و علماء السنة في طريقة دعوتهم للتغيير سياسية. هو قال إن موقف الخميني في الدعوة للجهر بالحق أعجبه في مقابل ما يبدو أنه إشارة إلى فتاوى تحريم الخروج على الحاكم. بالنسبة إليّ هذه المقارنة لا تعنيني، ما يعنيني هو صحة نسبة هذا الموقف أو ذاك إلى الشرع وهو ما يثبت بالأدلة الصحيحة.
    2- منهج التغيير الاجتماعي الذي أنتهجه كسلفي هو التربية، كما فعل النبي-صلى اللهعليه و سلم- في الثلاث عشرة سنة الأولى من الدعوة في مكة.

    ردحذف
  2. مقالة مفيدة جدا .. ومختلفة .. أول مرة أشوف حد بيتكلم عن ايران بشكل ايجابي
    وكمان عاجبني موضوع إنك تجيب الخلاصة بتاعت
    كتاب :)
    عاش يا مو ;)

    ردحذف
  3. الكلام عن ايران فى حد ذاته يتجه نحو الايجابيه
    ..ولكن لا يعد مثال جيد للامتثال له هذا ما اوضحه الكاتب بشكل صريح............ومن وحهت نظرى ان ايران تفتقد الديموقراطيه الذى يتضح دورها كاحد عوامل نجاح الاسلام والمتمثل فى الشورى مثلا ....
    فكيف هى اسلاميه غير ديموقراطيه؟؟؟؟

    ردحذف