الاثنين، 4 يوليو 2011

Wytch Farm

مزرعة ويتش كانت يوماً ما أكبر حقل بري منتج للزيت في أوروبا (الغربية طبعاً) ، وصل إنتاجه يوماً لمائة وعشرة آلاف برميل في اليوم ، ليس هذا مهماً بالطبع فهناك حقول يصل إنتاجها لعدة ملايين برميل في اليوم ، المثير فعلاً أنه لكي تحصل الشركة المنفذة للمشروع على رخصة للتشغيل(License to operate)  ، ولكون المشروع في منطقة شديدة الحساسية بيئياً (يلتقي ساحل البحر الذي يعتبر أحد أهم المناطق السياحية في بريطانيا مع الغابات والمزارع) كان عليها ليس فقط أن تلتزم بعدم تعريض المنطقة للتلوث من خلال أي تسرب للزيت ولكن أيضاً أن يبقى الشكل الجمالي للمنطقة (الأخضر الغامق نتيجة للأشجار الكثيفة) كماهو ، ويبدو أنهم بذلوا مجهوداً ضخماً لتحقيق هذا ، فالحقل (بتسهيلات الإنتاج التي تتجاوز مساحتها عدة فدادين) لا يظهر إلا إذا اقتربت من بواباته لدرجة أنه يطلق عليه أحياناً "حقل الزيت المخفي" ، هنا تحكى القصص عما اضطر القائمون على تنفيذ المشروع لعمله كي يلتزموا بالمعايير البيئية فالأبراج التي تقوم بفصل مكونات الغاز الطبيعي لتكوين البوتاغاز (De-ethaniser, de-propaniser, and de-butaniser)  تم قطعها لنصفين كي لا تظهر عن بعد ، واللهب الذي يتم حرق الغاز فيه (Flare)  تم تغطيته تماماً كي لا يلاحظه سكان المنطقة ، وهناك خندق واسع حول كل بئر (أو مجموعة آبار) حتى لا ينساب الزيت إلى المزارع إذا حدث تسرب واسع. ذكرني هذا بما ذكره لي أحد مدرائي يوماً عن تلك الشركة الإيطالية الكبرى (لن أذكر اسمها هنا فأنا لا أملك دليلاً موثقاً) التي إذا حدث تسرب للزيت في حقولها (في نيجيريا) فإنها تعالجه بردم بعض الرمال عليه. الفارق هنا تصنعه القوانين ورغبة واضعيها في الالتزام وإلزام الآخرين بها مهما كانوا ومهما كانت الحاجة إليهم. درس آخر تعلمته من هذه الرحلة.
هذا لا يعني أن المكان هنا على ما يرام ، فالصدأ يكاد يصيب جميع التسهيلات هنا وهناك مجهود كبير يبذل لمعالجة المشاكل التي أدت لانخفاض طاقة الإنتاج للنصف تقريباً.  (الخميس 19 مايو)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق