الأربعاء، 29 سبتمبر 2010

منحنى تعلم شديد الانحدار Steep learning Curve


السلام عليكم
الأسبوع الماضي طلبت من الأصدقاء بعض الوصفات السريعة والسهلة لأكلات شهية ولم أحصل على شئ سوى وصفة واحدة لعمل التونة بالخس والطماطم ولأن سعر الطماطم أصبح عشر جنيهات للكيلو فقد قدرت أنها ستكون رفاهية مبالغ فيها , لذا انتهى بي الأمر أن أطبخ نفس ما طبخته الأسبوع الماضي وبداية الأسبوع , للأسف لم يتحسن طبخي كثيراً - ربما لم يتحسن على الإطلاق - ودعاني هذا للتفكير في شكل منحنى تعلمي* الذي تخيلته مستوياً لا يزيد مع الزمن , طبعاً في الوضع المثالي منحنى تعلم أفقي يعني الوصول للقمة في هذا المجال وعدم القدرة على تعلم أي شئ آخر فيه وهو مستحيل نظرياً على ما أعتقد لأنه تعالى قال "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" ** لكن في حالتي الخاصة هذا يعني عدم القدرة على تعلم أي شئ وهو عيب أرجو أن يختفي مع الزمن.

ما دعاني للتفكير في هذا هو في الحقيقة شيئين , أولهما رغبتي في أن أعرف كيف يقيم العلماء منحنيات التعلم لأنني لاحظت أنني أحياناً ما أرتكب أخطاء شديدة التفاهة ولا أتعلم منها فيما بعد رغم وضوحها الشديد والآخر هو الانتخابات النيابية القادمة.

عندما يرتكب الإنسان خطأً ما يكون منحنى تعلمه شديد الانحدار , وهذا يعني أنه يعرف كماً كبيراً من المعلومات في فترة قصيرة ما يؤدي به إلى الحرص على عدم ارتكاب الخطأ مرة ثانية , لكن عند تكرار الخطأ لا يكون منحنى التعلم بنفس انحدار المرة الأولى ما يؤدي إلى عدم اهتمام المخطئ للخطأ ما يؤدي إلى سهولة الوقوع فيه مرة ثالثة ورابعة وهكذا , والسؤال الآن لمن يفهمون الإدارة والتربية , كيف يمكن الاستفادة من الأخطاء عند وقوعها أكثر من مرة لجعل تكرارها بعد ذلك أشد صعوبة؟
يبدو ما كتبته الآن معقداً , حسناً سأحاول أن أبسطه فيما بعد.

عادة ما يكون منحنى التعلم شديد الانحدار لدى المبتدئين , أخبرني مديري السابق ذات مرة أن منحنى التعلم يكون أشد انحداراً في الخمس سنين الأولى من حياتي المهنية , بعد ذلك يقل ميله تدريجياً حتى يقترب من الأفقي عند نهايتها , هذا ليس هو وضعي الحالي , فمنحنى تعلمي ليس مائلاً بشكل كافي ومرضي , ربما ليس مائلاً على الإطلاق , وهذا هو أحد أهم الأسباب التي تجعلني أرغب في ترك عملي الحالي , بالتأكيد إذا كان أحدكم يملك مساعدتي فلا تترددوا في فعل ذلك , شكراً.
يكون منحنى التعلم شديد الانحدار أيضاً في حالات الخطأ , على سبيل المثال حادث بئر ماكوندو في خليج المكسيك كان حدثاً ذو منحنى تعلم شديد الانحدار -أول حادث انفجار لبئر على هذا العمق 1800 متر- وظل المهندسون والعلماء يبحثون على مدار أشهر كل الطرق الممكنة لغلق البئر حتى استطاعوا ذلك بعد ثلاثة أشهر من انفجارها وتسرب مايقرب من خمسة ملايين برميل من الزيت ما سيكلف بي بي (الشركة المالكة ل 65% من الحقل والتي كانت تدير حفر البئر) ما يقرب من ثلاثين بليون دولار ( أقل قليلاً من دين مصر الخارجي - يعتبره البنك الدولي هائلاً , الدين وليس كلفة الحادث) لإغلاق البئر وإعادة ساحل الخليج لطبيعته.
 أمثلة أخرى لما يمكن أن يكون ذو منحنى تعلم شديد الانحدار حادثة تشرنوبيل أو السنة الأولى من الزواج حيث لا يعلم الزوجان الكثير عن بعضهما ما يؤدي لكثير من المشاكل وحالات الطلاق , د.أحمد خالد توفيق كتب عن ذلك مقالة جميلة سماها كان يمثل.
منحنى التعلم هو أحد الخصائص التي يمكن تقييم البدائل المختلفة على أساسها , فعندما يتوقع أن يكون منحنى التعلم لخيار مشروع ما أكثر انحداراً من خيار آخر , يتم الموافقة على المشروع ذو منحنى التعلم الأقل ميلاً , لأن ذلك يعني أن المخاطرة بحدوث مشاكل غير متوقعة فيه أقل. عادة هذا ما يحدث في صناعة البترول , لا أدري ماذا يحدث في الصناعات الأخرى لكنني أعتقد أن نفس المبدأ يتم تطبيقه.
والمديرون وأصحاب القرار لا يسعون للحلول الأقل مخاطرة لأنهم جبناء ولكن ببساطة لأنه من أكثر أسباب الفشل في العالم أو على الأقل في صناعة البترول عدم اتباع الإجراءات والخطط وعندما يحدث ما هو جديد أي غير مخطط له فإنه لا تكون هناك إجراءات لاتباعها من الأساس ما يزيد احتمالات الفشل والخسارة , لذا يسعى أصحاب القرار للابتعاد عن المشاريع أو البدائل ذات منحنيات التعلم شديدة الانحدار.

ما الذي دفعني للكتابة عن هذا الآن ؟ هل هو الاستطراد ثانية ؟ آه إنها الانتخابات النيابية القادمة.
هل يتم تقييم أداء الحركات والجماعات بنفس هذا الشكل؟ وكيف كانت منحنيات التعلم لجماعة الإخوان المسلمين طوال الثمانين عاماً الماضية في المجالات الدعوية والتربوية والسياسية والاحتماعية؟ هل يقوم أحد بهذا النوع من الدراسات؟ وهل تنشر؟ وإذا لم يكن هذا هو ما يحدث فكيف يتم تقييم الأداء وأين ينشر هذا التقييم؟ 
بالتأكيد لست مهتماً كثيراً بهذا فهذا عمل أناس آخرون من الطبيعي أن أفترض أنهم يقومون بعملهم على أكمل وجه لكنني لا زلت مهتماً بمعرفة أساليب التقييم والنتائج التي تم التوصل إليها في هذه التقييمات.
لماذا فكرت في هذا؟ ما على الساحة الآن هو المشاركة أو المقاطعة للانتخابات البرلمانية 2010 , وأنا أفكر هل من الممكن المفاضلة بين الخيارين على أساس منحنى التعلم لكل منهما؟ أنا لا أعني هنا موازنة الربح والخسارة ولكن سهولة التخطيط وسلاسة التنفيذ لأي من الفكرتين وتوابعهما من أفعال. أنا لن أقول الآن ما هو رأيي الشخصي في المشاركة أو المقاطعة فقد خصصت لذلك تدوينة أخرى ربما لن تنشر أبداً , لكن سؤالي مرة أخرى هو هل من الممكن المفاضلة بين خياري مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية 2010 أو مقاطعتها على أساس منحنى التعلم لكل منهما؟ بالطبع آراؤكم الأخرى حول المشاركة والمقاطعة ستكون موضع تقدير.
جزيتم خيراً

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* منحنى التعلم هو تمثيل رسومي لتغير معدل التعلم (في الشخص العادي) لنشاط معين. عادة ، تكون الزيادة في الاحتفاظ بالمعلومات أكبر بعد المحاولات الأولى ، ومن ثم تقل تدريجيا ، وهذا يعني أن يتم الاحتفاظ بمعلومات جديدة أقل وأقل بعد كل تكرار.
** [الإسراء: 85]

هناك تعليقان (2):

  1. اعتقد انك ستنشر التدوينة القادمة عن الانتخابات من حيث المشاركة او المقاطعة؛ لانها لو لم تنشر سيكون الحال مثل عنوان التدوينة....شديد الانحدار

    ردحذف
  2. حلوة التدوينة ده ..
    ومش معقدة على فكرة وبسيطة..
    بس اتعودنا إنك تكتب شوية في الأول عن موضوع مختلف ... وبعده تكمل في موضوع الغاز !!!!
    المرة دي كان الموضوع مختلف
    عموما ...خير ...ربنا يوفقك

    ردحذف